القائمة الرئيسية

الصفحات

كيفية  تحقيق الخشوع في الصلاة







                                                                                                                                                                          إنَّ للصلاة أهمية كبرى في الاسلام ، بحيث إنها الركن الثاني للاسلام ، فهي وإن كانت في مظهرها أعمالُ جوارحٍ يقوم بها العبد ، إلَّا أنَّها عمل من أعمال القلوب ،يجب أن تكون نابعة من القلب، بحيث يكون القلب حاضرا مع كل أفعال وأقوال الصلاة ، وأن يقف العبد بين يدي ربِّه بجسده وبقلبه، ومتدبرا لكلام رب العالمين، وأخدا بحق كلِّ حركةٍ وسكون فيها ،وأن يستحضرأنه بحاجة لخالقه سبحانه ،حتى تكون الصلاة تامة ويصل العبد الى مرضات  الله والى القبول انشاء الله . .                                                                       

من هنا فإن من أراد الخشوع في صلاته ، ويظهر أثره على الجوارح،  فعليه أمور لابد منها :                                            

 أولا الصلاة أول الوقت 

إنَّ الصلاة في أول وقتها ومع الجماعة، سبب معين على الخشوع،  ولأنَّ الصَّلاة في وقتها علامةٌ على محبَّة العبد لله -تعالى- ومسارعته للقائه والاتِّصال به، في حين أنَّ من يؤجلها إلى آخر وقتها مشغولا في دنياه،  فان ذلك علامة على غفلة القلب عن مولاه ، وإنَّ الذي يبادرلإداء الصلاة  في أول الوقت ليدرك الاجر كاملا ، زيادة الى ذالك أن يحقق الخشوع المنشود . .       

    ثانيا حضور القلب 

 إنَّ ممَّا يوجب الخشوع في الصلاة ، حضور العبد بقلبه وجسده ،واستحضارالوقوف بين يدي الله ،وأن يعلم العبد أنَّه بين يدي خالقٍ عظيمٍ، فبمجرَّد رفع المصلِّي يديه لتكبيرة الإحرام ،وجب أن يستحضر الخضوع والإذعان والاستسلام التامَّ لله تعالى، فعندئذ يترك كل ما يشغل قلبه من فتن الدُّنيا وأهوائها ، فهو في حضرة الخالق العظيم. كما  يجب على العبد عند حضوره للصَّلاة أن يتذكَّر أنَّه لو دعاه أحد من ذوي الشأن الكبار في الدنيا ، أو أحد من ملوك الأرض ،فإنَّه يستعد بكل ما يملك ، ويحضر في الوقت المحدد ، فكيف به وهو عند  ملك الملوك أليس أولى أن يحضر بقلبه وجسده وقبل الوقت .

   ثالثا تدبرالقرءان حال الصلاة 

ان أعظم ما يحقق الخشوع في الصلاة ،تدبر أيات القرءان ،وتتبع المعاني الواردة  في الايات ، ويصل العبد الى تدبر القرءان كلما تعمق في معاني أيات القرءان ،فكلما قرأ أيات الجزاء  وجنات رب العالمين ، زاد في قلبه الرجاء من الله ، وعند أيات الوعيد والتهديد زاد في قلبه الخوف من الله ، وكذالك من الايات ما يدل على تنزيه الخالق، وقصص الأنبياء ، وغيرها من الايات ، وبهذا تترسَّخ في قلب العبد معاني جليلة وقيم نبيلة. وقد أخبرنا المولى عز وجل في كتابه على وجوب التدبر وفهم الايات بعمق في مواضع كثيرة من القرءان حيث قال الله -تعالى-: (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أم على قلوب اقفالها ) . وممَّا يزيد في الخشوع كذالك بالاضافة الى التدبر، أن  يسعى جاهداً في تطبيق أحكام التجويد ، وترتيل الآيات ،ومراعاة لشروط صحة الصلاة وأركانها ، وكلِّ ما يزيد في الخشوع ، كالاعتدال والطَّمأنينة في الصَّلاة ،لإنهما من شروط صحَّة الصَّلاة ، والمراد أن يتمهَّل في أدائها ، وأن يعطي كلَّ ركنٍ حقَّه ، فيطمئن في وقوفه،  وركوعه، وفي سجوده، والطَّمأنينة في الصَّلاة  والاعتدال فيها سببٌ رئيسيٌ للخشوع ، بينما الاسراع في الصلاة  يُذهب بالخشوع وقد يفسد الصَّلاة ، فلا يعرف المصلِّي كم ركعة صلى ، وبماذا قرأ . ولقد نهانا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن السرعة في الصلاة ، فقال (تلك صلاة المنافق ،يجلس ينتظر الشمس حتى اذا كانت بين قرني الشيطان ، قام فنقرها أربعا ،لا يذكر الله فيها إلا قليلا .)     


رابعا سؤال الله الخشوع في الصلاة 

يقول الله عز وجل في كتابه الكريم (أدعوني أستجب لكم ) إنَّ ممَّا يدركه المسلم أنَّ الدُّعاء مشروعٌ له  في كل حين وعلى كل حال، ليطلب من الله -تعالى- العون ، ويستجير به سبحانه في جميع أمور دنياه وأخرته ، ومن هنا يسن للعبد أن يتضرع إلى ربه سبحانه بدعائه ، ومن ذالك أن يعينه على الخشوع في الصَّلاة ، وعلى الثبات لقلبه في أدائها ؛ لأنَّ القلب متقلب بين حال واخرى ، وهذا مما يجعل العبد ساهيا  وشارد الذهن في صلاته ، فكلما سأل العبد ربه ، استجاب له وأعانه على الخشوع ، فإنّ الله قريب مجيبٌ .           


خامسا ترك التحرك والالتفات 

لاشك أن كثرة الحركة في الصلاة  تذهب بالخشوع ، وتجعل العبد بعيدا عن المقصد الاساسي للصلاة ، من هنا وجب على العبد أن يحرص على السكينة ، وترك كل ما ليس من الصلاة ، كالالتفات وإصلاح الثوب ، والضحك ، والكلام لغير إصلاح الصلاة ، وما أشبه ذالك ،  فهذا كله إن كان عمدا يبطل الصلاة .  

 سادسا تذكّر الموت 


لقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الموت ، بأنه هادم اللذات فكان يقول لأصحابه : (أذكروا هادم اللذات الموت) ، فكلما تذكر المصلي هذا الامر ، واستشعر الخوف في نفسه ، زاد خشوعه ، واطمأن قلبه ، وأدى صلاته على أحسن حال  وكأنها  صلاة مودع .  

أهمية الخشوع في الصلاة        

إن مجمل القول لمن أراد أن يخشع في صلاته ،أن يجاهد نفسه عند أداء الصلاة ، بحيث  يتحرى الخشوع في عدة أمور منها : أداء الصلاة في وقتها ، وحضور القلب ، وتدبر الايات مع ترتيلها ، إضافة إلى التأني والاطمئنان ، وتجنب كثرة الحركة ، وتذكر اليوم الاخر . فهذا كله ومع الدعاء وطلب العون من الله تعالى ، كلها معينة على الخشوع في الصلاة إن شاء الله .  

Comments